أزمة قناة السويس قد تحرم المستهلكين من القهوة في أوروبا
كيف تؤثر سفينة عالقة في قناة السويس على فنجان قهوة؟
تأثير أزمة ناقلة “إيفر غيفن”، العالقة في قناة السويس والمعطلة لمسار الملاحة البحرية منذ أيام، يتركز على شحنات الغاز الطبيعي والنفط الخام فحسب، ولكن لا.. شحنات المواد الغذائية تحت المجهر كذلك، بما فيها شحنات قهوة روبوستا المستخدمة في أصناف القهوة سريعة التحضير.
ويمر نحو 12٪ من التجارة العالمية عبر قناة السويس، بما فيها المنتجات الزراعية كالبن. اثنان فقط من كبار منتجي بن روبوستا، وهما البرازيل وساحل العاج، لا يستخدمان هذا الممر المائي للوصول إلى زبائنهما في أوروبا.
ورغم أن العالم كله سيتأثر بالأزمة إلا أنها ستكون جلية أكثر في أوروبا، حيث تأتي في ظل معاناة شركات القهوة الأوروبية للحصول على الإمدادات من فيتنام، أكبر منتج للروبوستا في العالم، بسبب نقص الحاويات.
يذكر أن جميع حبوب القهوة التي تستوردها أوروبا من شرق إفريقيا وآسيا تأتي عبر قناة السويس.
أحد أبرز الفروق بين شركات ومحامص القهوة في أوروبا ومثيلاتها في الولايات المتحدة هو أن صانعي القهوة في أوروبا لا يحبذون استخدام بن روبوستا البرازيلي لأسباب تتعلق باختلافات في المذاق، وبالتالي تحول بعض صانعي القهوة في القارة مؤخرًا إلى شرق إفريقيا لسد نقص الإمدادات الفيتنامية، وشراء القهوة من بلدان كأوغندا أو استيراد قهوة أرابيكا ذات المذاق المعتدل من المنطقة. لكن مجدداً تواجه أوروبا نقص الإمدادات حيث تنقل هذه الإمدادات عبر قناة السويس.
اضطراب في بورصة القهوة
نقلت بلومبيرغ عن جان لومان، مؤسس JL Coffee Consulting والمشتري الرئيسي السابق للقهوة في Jacobs Douwe Egberts BV ، أحد أكبر محمصات القهوة في العالم قوله: “بالنسبة إلى المتداولين، سوف يتبارون لتزويد عملائهم في أوروبا.. سيستغرق حل هذا الأمر بضعة أيام إذا كنا محظوظين، وبكل الأحوال فقد وقع الضرر بالفعل”.
وكما ارتفعت أسعار النفط الخام خلال الأزمة، كذلك دفع القلق بشأن اضطراب الإمدادات بعقود بُنّ روبوستا الآجلة المتداولة في لندن إلى الارتفاع بنسبة 2.8%، في ارتفاع من أدنى مستوى لها في أسبوعين. وارتفعت فجوة الأسعار بين تسليم القهوة في أيار/مايو وتموز/ يوليو بأكثر من 30٪ الجمعة.
وعالمياً ستؤدي الأزمة إلى تفاقم النقص العالمي الذي دفع بالفعل المخزونات الأمريكية إلى أدنى مستوى لها منذ ستة أعوام.
وإجابة عن سؤال حول إمكانية تحمل شركات القهوة أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع من التأخير، قال رافائيل هيمرلين، رئيس الخدمات اللوجستية في شركة Sucafina SA لتجارة القهوة السويسرية لبلومبيرغ: “ربما لا.. لا أعتقد أن لديهم مخزونًا احتياطيًا كما هو معتاد.”
يقول هانز هندريكسن، الذي يتاجر بالكاكاو والقهوة منذ 40 عامًا، إن الصناديق لن تعلق فقط في السفن في القناة، ولكن كذلك عندما تحل الأزمة وتعود حركة الملاحة لطبيعتها، فإن الحاويات ستعود إلى موانئ مثل أنتويرب وروتردام، وأضاف: “سوف تتعطل الخدمات اللوجستية كلما طال الوقت لحل المشكلة”.
استغلال للأزمة .. والبرازيل أكبر المستفيدين
الأزمة لم تخلق نقصاً في القهوة فقط، بطبيعة الحال النقص تسبب بارتفاع في الأسعار.
بدأ التجار الذين قاموا بتخزين القهوة في المستودعات الأوروبية باستغلال نقص الإمدادات لتحقيق أرباح مادية طائلة، وتقاضي علاوات كبيرة في السوق الفعلي. ففي ذروة أزمة الحاويات زاد التجار سعر الصرف للبن الفيتنامي الموجود في أوروبا بمقدار 450 دولارًا للطن المتري، ما يعني ثلاثة أضعاف السعر العادي.
أما المستفيد الآخر من الأزمة؟ البرازيل طبعاً.
استفادت البرازيل حتى الآن من اضطرابات الأسعار الناجمة عن نقص الحاويات الذي ضرب فيتنام لأول مرة في نهاية العام الماضي. ووفقًا لمجموعة Cecafe الصناعية، فقد صدرت منتجة روبوستا الثانية في العالم رقمًا قياسيًا بلغ 4.9 مليون كيس في عام 2020، بزيادة قدرها 24٪ عن العام السابق.
ومع ذلك، لم تذهب هذه الكميات إلى المحمصات، بل انتهت كمخزونات معتمدة من البورصة. وذلك لأن استبدال حبوب البن البرازيلية بالقهوة الفيتنامية سيغير طعم المنتج النهائي للمستهلكين، وبالتالي تعتبر حبوب شرق إفريقيا بديلاً أفضل من حبوب البرازيل.